إن شخصية الأبناء تنطلق عادة من البيوت، من الدروس الأولية الأولى، ومن الحركات والتوجهات والتصرفات المقصودة وغير المقصودة للآباء، فإن الأبناء سيقتدون بها مستقبلا سواء بصورة تكرارية أو بأشكال أخرى لكن المضمون سيبقى ذاته فالانسان هو ابن التربية، انه ابن البيت، انه باختصار ابن ابويه فيزيولوجيا وسيكولوجيا وهو يحمل ملامح عشرات ومئات وآلاف اجداده ومن الأبوين.
في هذه المناسبة نتعرض لأبرز وأهم رسالة تربوية كتبها أهم وأبرز روائي في القرن العشرين على الاطلاق انه فرانزكافكا صاحب روايات: المسخ المحاكمة في مستوطنة العقاب امريكا, والتي شغلت وماتزال تشغل معظم الشرائح من الناس والنقاد والمهتمين، فظهرت مقولات مثل: كسوداوية كافكا ، الأدب الكافكاوي ، كأنك تقرأ رواية لكافكا .
ولذلك فإن كافكا لا يوجه هذه الرسالة لأبيه فحسب بل يوجهها الى معظم الآباء في العالم ودون استثناء ولذلك يقول: ابدأ هذه الرسالة إذن دون ثقة بالنفس آملا فقط انك ايها الوالد مازلت تحبني رغم كل شيء، وانك تقرأ بصورة أفضل مما أكتب , فيبدأ في عرض الصراع غير المباشر بينهما، بين أب متسلط يرى في تقزيم ابنه قوة له بل يكاد يستمد قوته من ضعف ابنه، وبين ابن ضعيف يسعى لاثبات شخصيته وقوته ككائن له خصوصيته وهنا تكمن متعة قراءة هذه الرسالة الطويلة التي تتعرض لكل التفاصيل وحتى المحرجة منها في هذه العلاقة الحساسة بين الأب وابنه في أسرة ألمانية.